حديث الجمعةشهر ذي القعدة

حديث الجمعة 265: من الأسباب المانعة من إجابة الدعاء – صرخاتُ غضبٍ ضدّ التوحّش الرأسمالي – هل تبقى القسوة الأمنيَّة هي الخيار؟ – وثيقة المنامة تعبِّر عن خطوة جادَّة وصادقة

بسم الله الرحمن الرحيم


الحمد لله ربِّ العالمين وأفضل الصلوات على سيد الأنبياء والمرسلين محمدٍ وعلى آله الطاهرين…



السبب الثاني من الأسباب المانعة من إجابة الدعاء:
الأكل الحرام:


أكل الحرام له آثار خطيرة:


الأثر الأول: عدم قبول العبادة:
• قال رسول الله صلّى الله عليه وآله:
«مَنْ أكل لقمةً من حرام لم تقبل له صلاة أربعين ليلة».


• وقال صلّى الله علية وآله:
«ترك لقمة حرام أحبّ إلى الله مِن صلاة ألفي ركعة تطوعًا».


• وقال صلّى الله عليه وآله:
«ترك دانق حرام أحبّ إلى الله تعالى مِن مائة حجة من مال حلال».


• وقال الإمام الصّادق عليه السّلام – في قوله تعالى:
﴿وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاء مَّنثُورًا﴾ (الفرقان23):
«أما والله إن كانت أعمالهم أشد بياضًا من القباطي ولكن كانوا إذا عرض لهم الحرام لم يدعوه».


• وقال الإمام الباقر عليه السلام:
«إنّ الرجل إذا أصاب مالاً من حرام لم يقبل منه حج ولا عمرة، ولا صلة رحم، حتى أنّه يفسد فيه الفرج».


الأثر الثاني: عدم إستجابة الدعاء:
• تقدّم الحديث:
«مَنْ أكل الحرام أسودَّ قلبه، وضعفت نفسه، وقلَّت عبادته، ولم تستجب دعوته».


• وعن رسول الله صلّى الله عليه وآله:
«مَنْ أحبَّ أن يستجاب دعاؤه فليطيِّب مطعمه ومكسبه».
= الأكل يتحوَّل إلى طاقةٍ ومنها طاقة الكلام…


• وروي أنّ موسى عليه السلام رأى رجلًا يتضرَّع تضرُّعًا عظيمًا، ويدعو رافعًا يديه، ويبتهل، فأوحى الله إلى موسى لو فعل كذا وكذا لما استجبت دعاءه لأنّ في بطنه حرامًا، وعلى ظهره حرامًا، وفي بيته حرامًا».


• جاء رجلٌ إلى رسول الله صلّى الله عليه وآله وقال له: أحبّ أن يستجاب دعائي.
فقال صلّى الله عليه وآله: «طهّر مأكلك، ولا تدخل بطنك الحرام».


• وفي الحديث:
«من أكل لقمة حرام لم تستجب دعوته أربعين صباحًا».


• وقال الله تعالى لعيسى بن مريم عليه السلام:
«قل لظلمة بني إسرائيل لا تدعوني والسحت تحت أقدامكم».


• وقال رسول الله صلّى الله عليه وآله:
«إنّ أحدكم ليرفع يديه إلى السَّماء فيقول: يا ربِّ يا ربِّ ومطعمه حرام، وملبسه حرام، فأيّ دعاءٍ يستجاب لهذا، وأيّ عمل يقبل منه، وهو ينفق من غير حلٍّ، إن حجَّ حجَّ حرامًا، وإن تصدَّق تصدَّق بحرام، وإن تزوَّج تزوَّج بحرام، وإن صام أفطر على حرام، فيا ويحه، أما علم أنَّ الله طيِّب لا يقبل إلاّ الطيِّب، وقد قال الله تعالى في كتابه: ﴿إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ﴾ (المائدة/ 27)».


الأثر الثالث: التعرّض لغضب الله ولعقابه في الآخرة…
• في الحديث عن رسول الله صلّى الله عليه وآله:
«إذا وقعت اللقمة من حرامٍ في جوف العبد لعنه كلُّ ملك في السَّموات والأرض، وما دامت تلك اللقمة في جوفه لا ينظر الله إليه، ومن أكل اللقمة من حرام فقد باء بغضبٍ من الله، فإن تاب تاب الله عليه، فإن مات فالنّار أولى به».


• وقال صلّى الله عليه وآله:
«الجنَّة محرَّمة على جسدٍ غذّي بالحرام».


• وقال صلّى الله عليه وآله:
«لا يشمّ ريح الجنَّة جسدٌ نبت على الحرام».


صرخاتُ غضبٍ ضدّ التوحّش الرأسمالي:


يشهد العالمُ هذه الأيام صرخات غضبٍ ضدَّ التوحُّش الرأسمالي، بدأت هذه الصرخات في أمريكا، وامتدت إلى أوربا، ومناطق من العالم، هذا الفوران العالمي كشف بوضوحٍ ما تعانيه شعوب الأرض في الزَّمان الراهن مِن مساوئ النظام الرأسمالي، ففي ظلِّ هذا النظام تتعرَّض أمريكا ودول أوربا، والكثير من بلدان العالم إلى أزماتٍ اقتصادية مدمِّرة، وإلى انهيار القيم والمثل والأخلاق، ممَّا سبّب الكثير من المشاكل والويلات التي يعاني منها العالم المعاصر…


ما يحدث يبشر بأفول الرأسمالية، كما أفلت الشيوعية ليتحقَّق وعد الله في انتصار الإسلام.
﴿وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِن بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ﴾. (الأنبياء/ 105)
﴿وَنُرِيدُ أَن نَّمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الوَارِثِينَ﴾. (القصص/ 5)


فلا خلاص للبشرية إلاّ في ظلِّ الإسلام؛ فهو القادر على إنقاذ العالم، وتخليص البشرية من كلِّ الأزمات الفكريَّة والأخلاقيَّة والاجتماعيَّة والاقتصاديَّة…


وهذا الخلاص الشامل في الأرض لن يكون إلاّ على يد المنقذ الأكبر المهديّ من آل محمدٍ صلّى الله عليه وآله… فكلّ القيادات التي تطرحها الأيديولوجيات المعاصرة تعتبر قيادات فاشلة وغير صالحة، وغير مؤهَّلة لتخليص العالم، ما دامت تلك الأيديولوجيات هي نفسها فاشلة وغير مؤهَّلة…


إنّ انهيار الكيانات الكبرى في العالم، من خلال انهيار أنظمتها الاقتصاديَّة والسِّياسية والاجتماعيَّة كما حدث للنظام الشيوعي، وفي أثره إن شاء الله النظام الرأسمالي، هذه الانهيارات تهيِّئ الأرضيَّة لانطلاق الحركة التغييريَّة الكبرى في العالم على يد القائم من آل محمدٍ صلَّى الله عليه وآله…


• ففي الصحيح من الأخبار:
«أنّ المهدي وأصحابه يُملكهُم اللهُ تعالى مشارقَ الأرضِ ومغاربَها، ويُظهر الدين، ويميت الله عزَّ وجلَّ بهِ وبأصحابهِ البدعَ والباطلَ، كما أماتَ السَّفهةُ الحقَّ، حتّى لا يُرى أثرٌ مِن الظلم، ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر، ولله عاقبة الأمور».


• «وإذا قام القائم عليه السلام ذهبت دولةُ الباطل».


• «وإذا قام القائم عليه السلام لا تبقى أرضٌ إلاّ نودي فيها بشهادة أن لا إله إلاّ الله، وأنّ محمدًا رسول الله [صلى الله عليه وآله]».


• «ولا يبقى في المشارق والمغارب أحدٌ إلاّ وحّدَ الله».


• وفي الحديث عن رسول الله صلّى الله عليه وآله:
«ينزل بأمَّتي في آخر الزَّمان بلاءٌ شديدُ من سلطانهم لم يُسمع بلاءٌ أشدُّ منه، حتى تضيق عنهم الأرضُ الرحبةُ، وحتى تملأ الأرضُ جورًا وظلمًا، لا يجد المؤمن ملجأ يلتجئ إليه من الظلم، فيبعث الله رجلاً من عترتي، فيملأ الأرضَ قسطًا وعدلاً، كما ملئت ظلمًا وجورًا، يرضى عنه ساكن السَّماء، وساكن الأرض لا تدَّخر الأرضُ من بذرها شيئًا إلاّ أخرجته، ولا السَّماءُ من قَطرِها إلاّ صبَّهُ الله عليهم مدرارًا».


وفي أيام الإمام المهدي عليه السلام يذهب الباطل ويبقى الحق، يزول الشَّر، وينتشر الخير، ويذهب الرِّبا والزِّنا وشرب الخمر وكلّ ألوان الفساد ويقبل النَّاس على العبادة والديانة والصلاة في الجماعات، وتطول الأعمار، وتؤدَّى الأمانة، وتحمل الأشجار، وتتضاعف البركات، ويهلك الأشرار، ويبقى الأخيار، ولا تجد مَنْ يبغض آل محمد صلّى الله عليه وآله..


هل تبقى القسوة الأمنيَّة هي الخيار؟


ما حدث لنائبة رئيس جمعيَّة المعلِّمين الأستاذة جليلة السلمان، حيث اعتقلتها الأجهزة الأمنيَّة من منزلها في قرية السهلة فجر الثلاثاء الماضي، وبطريقةٍ فيها الكثير من القسوة أمرٌ يعبِّر عن شناعةٍ وفضاعة…


فإلى متى تبقى القسوة الأمنيَّة هي الخيار؟


المتابع للكلماتِ الرسميَّة يجد اعترافًا صريحًا بوجود انتهاكاتٍ، وبوجودِ تعذيبٍ، إلاّ أنَّ هذه الكلماتِ تَعتبر ذلك مجرَّدَ أخطاء، وتجاوزاتٍ فرديَّة، وتعذيب غير ممنهج..


ونتساءل: هل كلّ هذا الذي يحدث هو مجرَّد أخطاء، وممارسات فرديَّة غير موجَّهة، وقسوة غير ممنهجة؟
وماذا لو كان التعذيب ممنهجًا؟!!!


إنّ هذا الإصرار على اعتماد هذا النهج لن يدفع إلاّ إلى المزيد من التأزّم والاحتقان والغضب والانفجار…


أما آن الأوان لكي يستيقظ الرشد السِّياسي لإنقاذ الوطن من هذا المأزق؟


إنَّنا نجد فيما صدر عن خمس قوى سياسيَّة معارضة بعنوان (وثيقة المنامة) أمرٌ يعبِّر عن خطوة جادَّة وصادقة لدى هذه القوى في وضع خارطة طريق لمعالجة المأزق السِّياسي في هذا البلد…


الوثيقة قراءة صائبة للمشهد السِّياسي، استطاعت أن تشخِّص عناصر الأزمة…


وخلصت إلى تأكيد المطالب التالية:
• حكومة منتخبة تمثِّل الإرادة الشعبيَّة.
• نظام انتخابي عادل.
• برلمان منتخب، كامل الصلاحيات التشريعيَّة والرقابيَّة والسيِّاسية..
• سلطة قضائيَّة موثوقة مستقلة كلّ الاستقلال.
• أمنٌ للجميع.


وتفرض هذه الإصلاحات وجود صيغةٍ دستوريَّةٍ جديدةٍ تحظى بموافقة الغالبيَّة الشعبيَّة..


كما طالبت الوثيقة بمعالجة عاجلة لثلاث مسائل تشكل عناصر تأزيم وهي:
• مسألة التجنيس السِّياسي.
• مسألة التمييز الطائفي والسِّياسي.
• مسألة السِّياسية الإعلاميَّة.


وأكَّدت الوثيقة على اعتماد النهج السلمي في المعارضة والمطالبة، والذي ينتظم مجموعة حَراكات:
• الحَراك الشعبي.
• الحَراك الإعلامي.
• الحَراك السِّياسي.
• الحَراك الحقوقي..



إنَّنا لا نجد فيما احتضنته هذه الوثيقة من مضامين أيَ تطرّف، فكم نتمنَّى أن تواجه بدرجةٍ عالية من الشفافية حمايةً لهذا الوطن، وإنقاذًا لهذا الشعب..

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى