السيد أحمد الغريفيشخصيات ورجال

العلامة الشهيد السيد احمد الغريفي: الإمام الحسين (ع) يرفض البيعة ليزيد

حانت الفرصة بعد وفاة معاوية مباشرة وتولِّي ابنه يزيد عرش الخلافة حيث أرسل على واليه في المدينة يوصيه بأخذ البيعة من الحسين بن عليّ (ع) ، فما كان من الوالي المذكور إلّا أنْ استدعى الإمام الحسين (ع) ، وعرض عليه البيعة ليزيد، ولكنّ الإمام الحسين (ع)  فضّل أنْ يكون ذلك الطلب في محضر جمعٍ من أعيان المسلمين، وكأنّه يريد بذلك أنْ يكشف أمام جمهور المسلمين حقيقة موقفه تجاه يزيد والسلطة الأمويّة، وأغلب الظنّ أنّه كان يريد أنْ يذكّر الأمّة بالعهود والمواثيق التي التزم بها معاوية في معاهدة الصلح مع الإمام الحسن (ع)  حيث تعهّد معاوية بموجب الشروط التي أملاها الإمام الحسن (ع)  عليه أنْ يعيد الخلافة إلى الحسن (ع) ، أو إلى الحسين (ع)  من بعده -إذا توفيّ هو -، وأنّ إسناد الأمر ليزيد بن معاوية يخالف بصراحة كافّة العهود والمواثيق المتفق عليها، كما أنّه خرق واضح لما تعارف عليه المسلمون من اختيار الخليفة من بين أصحاب الكفاءة والمكانة من علية المسلمين، ومن أهل الحلّ والعقد، وتولية يزيد تأتي سابقة خطيرة في هذا الخصوص، إلّا أنّ رأس الفتنة المعروف وهو (مروان بن الحكم) الذي كان جالسًا في ذلك المحضر – وهو معروف بعداوته وحقده لأهل البيت  عليهم السلام – أراد أنْ يؤلّب الوالي على الحسين (ع) ، ويحرِّضه على الإلحاح بطلب البيعة في الحال من الحسين (ع)  ليزيد إدراكًا منه لما يبيِّته الحسين (ع) ، ومعرفة منه لحقيقة موقفه، ويدرك أنّ الأمر قد يتطوّر إلى ما لا تُحمد عقباه بالنسبة لبني أميّة، وربّما يكون نهاية حكمهم بعد رفض الحسين (ع)  العلنيّ لبيعة يزيد، وهذا ما كان يخشاه!


ولم يتمالك الحسين (ع)  من أنْ يظهر ما كان مكنونًا في نفسه، ويصرِّح بحقيقة رأيه، وأنّه ليس ذلك الشخص الذي يُعطي البيعة ليزيد بن معاوية، فمَن هو يزيد؟!، ومَن هو الحسين؟!
إنّ سيرة يزيد وتاريخه الشخصيّ لا يؤهّله لئَن يتولّى أمر الأمّة، فهو معروفٌ مشهورٌ بفسقه، وفجوره، ولعبه باللعب واللهو، فكيف يمكن للحسين (ع)  أنْ يقبل بإسناد ولاية أمر المسلمين لمثل هذا الباغي؟!
 وبأيّ ميزانٍ يمكن أنْ يستحق يزيد أنْ يتبوَّأ قيادة أمر الأمّة الإسلاميّة؟!
 فلا البيت الذي ينتمي إليه هو بيت شرفٍ ومكانةٍ في الإسلام، بل إنّه سليل أبي سفيان المعروف بعدائه ومناوأته للإسلام منذ البداية حتى استسلم خشيةً من السيف بعد أنْ فتح الله على يد رسوله(ص) مكّة، فمن كان هذا جدّه وأبوه معاوية ممَّن قال لهم رسول الله(ص): (اذهبوا فأنتم الطلقاء)، مثل هذه الأسرة لا يمكن أنْ تنجب ابنًا إلّا على بُغض الإسلام والكراهية له، إضافةً إلى أنّه لا سابقة له في الإسلام وشهرته بسلوكه المشين، لذلك لم يخشَ الإمام الحسين (ع)  من أنْ يصرخ في وجه الوالي رافضًا البيعة قائلًا: (إنّا أهل بيت النّبوّة، ومعدن الرّسالة، ومختلف الملائكة بنا فتح الله، وبنا ختم الله، ويزيد رجلٌ فاسق، شارب الخمر، قاتل النفس المحرّمة، معلن بالفسق، ومثلي لا يُبايع مثله)(ابن طاووس: اللهوف في قتلى الطفوف: 17، في أخذ البيعة ليزيد، الطبعة: الأولى، أنوار الهدى، قم – إيران.).

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى