المفاهيم الإسلاميةمحاضرات إسلامية

كيف نصنع أشبال عاشوراء؟

هذه الكلمة للعلَّامة السَّيِّد عبد الله الغريفي، ألقيت لمركز إسكان عالي الإسلامي (المجلس التَّعليمي)، وذلك بمناسبة عقد مؤتمر أشبال الإمام الحسين (عليه السَّلام) – النُّسخة السَّادسة -، وقد تمَّ بثُّها عبر البثِّ الافتراضي في يوم الجمعة بتاريخ: (5 ذو الحجَّة 1442 هـ – الموافق 16 يوليو 2021 م)، وقد تمَّ تفريغها من تسجيل مرئيٍّ، وتنسيقها بما يتناسب وعرضها مكتوبةً للقارئ الكريم.

كيف نصنع أشبال عاشوراء؟
كلمة مؤتمر أشبال الإمام الحسين (عليه السَّلام) – مركز إسكان عالي

أعوذ باللَّه السَّميع العليم من الشَّيطان الغوي الرَّجيم
بسم الله الرَّحمن الرَّحيم
الحمدُ للهِ ربِّ العالمينَ، وأفضلُ الصَّلوات على سيِّدِ الأنبياء والمرسلين سيِّدنا ونبيِّنا وحبيبنا وقائدنا محمَّدٍ، وعلى آلِهِ الطَّيِّبين الأخيار الأبرار.
السَّلام عليكم أيُّها الأحبَّة جميعًا ورحمة الله وبركاته.

العنوان الأوَّل: بقاء عاشوراء في حياة الأجيال

يجب أن تبقى وتستمر عاشوراء في حياة أجيالنا، ولأجل ذلك فإنَّ المطلوبٌ:
1- أنْ تبقى عاشوراء في عقل الأجيال.
2- أنْ تبقى عاشوراء في وجدان الأجيال.
3- أنْ تبقى عاشوراء في قِيَم الأجيال.
4- أنْ تبقى عاشوراء في سُلوك الأجيال.
5- أنْ تبقى عاشوراء في حَرَاك الأجيال.
هكذا تبقى عاشوراء، وهكذا تستمر عاشوراء، وهكذا يبقى مسار عاشوراء.

وإنَّ غياب أيِّ عنوان من هذه العناوين يُحدث خللًا في التَّعاطي مع عاشوراء:
(1) فإذا غاب الوعي العاشورائي:
وإذا لم تحضر عاشوراء في عقولنا وعقول أجيالنا وأشبالنا:
‌أ-ارتبكت المفاهيم: ترتبك وتضطَّرب وتتأزَّم مفاهيم عاشوراء؛ لأنَّ المفاهيم يصنعها الوعي ويصنعها العقل.
‌ب- انفلتت المشاعر
‌ج- ارتبك المسار

-فإذا ارتبكت المفاهيم لم نفهم عاشوراء.
-وإذا انفلتت المشاعر لم نتفاعل مع عاشوراء.
-وإذا ارتبك المسار ابتعدنا عن أهداف عاشوراء.

إذن، لاَ بُدَّ أن تكون عاشوراء حاضرة في عقولنا، وفي عقول أجيالنا، وفي عقول أشبالنا.

(2) إذا غاب الانصهار الوجداني حدث (فتور) في التَّعاطي العاشورائي.
إذا عاشت عاشوراء في العقل، وعاشت في الثَّقافة، لكن لم تعش في الوجدان، حيث إنَّ الوجدان هو مركز العواطف، ومركز المشاعر، ومركز الأحاسيس، فهنا يحدث (فتور) في التَّعاطي العاشورائي، ولا يحصل انصهار وجداني.
– ربما نتوفَّر على وعي وثقافة عاشورائيَّة، ولكن يبقى هذا الوعي منحجزًا في العقل، ولم يتحوَّل إلى القلب.
الذي يُعطي للمفاهيم حيويَّتها ونبضها وحرارتها هو أن تتحوَّل إلى الوجدان.
الوعي إذا لم يتحوَّل إلى القلب يبقى:
-وعيًا محنَّطًا
-وثقافة فاترة
-ومفاهيم خاملة
ولذلك نرى بعض النَّاس يملكون ثقافة كبيرة بعاشوراء لكن لا توجد عندهم حرارة، حتى إنَّ بعض المثقَّفين الكبار يملكون ثفافةً ووعيًا ومفاهيم كبيرة عن عاشوراء، ويقرأون عن عاشوراء، لكنَّ وجدانهم خاو وضامر.
هنا وُجِد وعي، ووُجِدت ثقافة عاشورائيَّة، لكن ما وُجِد نبض عاشورائي، وما وُجِد وجدان عاشورائي.
كذلك العكس، ربما يوجد فوران وتأجُّج عاشورائي كبير، لكن لا يوجد وعي، هذا أيضًا خطر، نحن نريد وعيًا، ونريد فورانًا عاطفيًّا.
فوعي بلا فوران ولا حرارة، وعي متكلِّس ومتجمِّد وخامل، وكذلك حماس متأجِّج إلى أبعد الحدود لكن بلا وعي فهذا خطر أيضًا.
فنحتاج أن يبقى الوعي العاشورائي، وأن يبقى الوجدان العاشورائي
أي لا بدَّ من التَّزواج بين العقل والعاطفة.

(3) إذا غابت قِيَم عاشوراء وأخلاق عاشوراء غابت المناقبيَّة العاشورائيَّة.
فإذا تشكَّل الوعي العاشورائي والوجدان العاشورائي، ولم تتشكَّل القِيَم العاشورائيَّة كان التَّعاطي العاشورائي خاويًا مفرَغًا من المُثُل العاشورائيَّة.
القِيَم هي مجموعة المفاهيم الأخلاقيَّة، فعاشوراء قِيَم عُليا، وعاشوراء مُثُل عُليا، وعاشوراء قِيَم الطُّهر، وقِيَم النُّبل، وقِيَم الصَّفاء، وقِيَم المحبَّة.
فإذا عشنا عاشوراء وعيًا، وعشنا عاشوراء فورانًا عاطفيًّا، لكنَّ قيم عاشوراء لم تعش في داخلنا، فإنَّنا بذلك لم نعش عاشوراء.
بقدر ما نملك وعي عاشوراء، وبقدر ما نملك وجدان وعواطف ومشاعر عاشوراء، مطلوب أن نملك قِيَم وأخلاق عاشوراء، هذا تجديد عملي للتَّعاطي مع عاشوراء.
وغياب المناقبيَّة العاشورائيَّة يشكِّل فراغًا في التَّعاطي العاشورائي.
هذه طبيعة التَّعاطي مع موسم عاشوراء الواعي الأصيل: مفاهيم، عواطف، مُثُل.

(4) إذا غاب السُّلوك العاشورائي غاب الهدف المركزي لموسم عاشوراء (تقوى عاشوراء).
قد يملك الإنسان مستوى عالٍ من المفاهيم العاشورائيَّة، مثقَّف وقارئ بدرجة عالية بعاشوراء، ويملك فورانًا عاطفيًّا متأجِّجًا، ومُثُلًا عاشورائيَّة يتغنَّى بها، لكن لا يملك سُلوكًا عاشورائيًّا.
فإذا غاب السُّلوك العاشورائي غاب الهدف المركزي لموسم عاشوراء (تقوى عاشوراء).
الهدف المركزي هو السُّلوك العاشورائي، أن نصنع عاشورائيِّين متمثِّلين عمليِّين، وبتعبيرٍ آخر (تقوى عاشوراء).
هل استطاعت عاشوراء أن تصنع التَّقوى في حياتنا؟
التَّقوى، حبُّ الله، الخوف من الله، الطَّمع في ثواب الله، الحياء من الله، الالتزام بأوامر الله، الابتعاد عن المعاصي، هذه تقوى عاشوراء.
الإمام الحسين (عليه السَّلام) أراد أن يصنع التَّقوى في الأُمَّة التي انحرفت عن خطِّ الله، وعن خطِّ الدِّين، وعن قِيَم الإسلام.
فهدف عاشوراء هو صنع الإنسان العاشورائي.
الإنسان العاشورائي هو الإنسان المتَّقي، أمَّا الإنسان الذي يرتكب المعاصي والذُّنوب والجرائم ليس إنسانًا عاشورائيًّا، العاشورائي هو من يلتزم عمليًّا بتقوى الله.
إنَّ صنع الوعي العاشورائي مقدِّمة
مطلوب جدًّا أن نصنع الوعي، وإلَّا فإنَّ التَّقوى قد تنحرف إذا لم يوجد وعي، فصنع الوعي العاشورائي مقدِّمة لإنتاج التَّقوى العاشورائيَّة.
وإنَّ صنع الوجدان العاشورائي مقدمة لإنتاج التَّقوى العاشورائيَّة.
صنع القِيَم العاشورائيَّة مقدمة لإنتاج السُّلوك العاشورائي والتَّقوى العاشورائيَّة.
فلا قيمة لوعي لا يُنتج سلوكًا.
ولا قيمة لوجدان لا يُنتج سلوكًا.
ولا قيمة لقِيَم لا تُنتج سلوكًا.
إذن، الهدف المركزي هو أن نصنع الإنسان العاشورائي المتَّقي، الذي يخاف الله، ويبتعد عن المعاصي، ويبتعد عن الذُّنوب، ويعيش مع الله.
هكذا أراد الإمام الحسين (عليه السَّلام) أن يخلق علاقة حقيقيَّة بين الأُمَّة وبين الله، بين الإنسان وبين الله.

(5) إذا غاب الحَراك العاشورائي تجمّدت الفاعليَّة العاشورائيَّة.
قد يبقى الإنسان عاشورائيًّا، يتَّقي الله، ويخاف الله، ولا يرتكب المعاصي، لكن لا يتحوَّل إلى داعية عاشورائي، هذه مرحلة أساس في التَّعاطي مع الواقع العاشورائي، أن ننصنع عاشورائيِّين حركيِّين.
وليس معنى الحَركيَّة العاشورائيَّة أن أعيش الفوضى، وأن أعيش الانفلات في المواقف على أساس أنَّني عاشورائي، وأن أعيش الصِّدام مع كلِّ الواقع، لا.
الحركيَّة أن أكون داعية إلى تقوى، وداعية إلى إيمان، وداعية إلى صلاح، وداعية إلى مُثُل عاشوراء، وأن أحارب المنكر والفساد والانحراف، هذه هي الحركيَّة.
قد يكون الإنسان عاشورائيًّا لنفسه فقط، فقد يملك تقوى عاشوراء، ومُثُل عاشوراء، وقِيَم عاشوراء، لكن لا يقول كلمة حقٍّ، ولا يأمر بمعروف، ولا ينهى عن منكر، ولا يحارب فساد، ولا يحارب ضلال.
الإمام الحسين (عليه السَّلام) إنَّما خرج للإصلاح، ولبناء الأُمَّة في خطِّ الرِّسالة، ولبناء الأُمَّة في خطِّ القرآن، هذا هدف الإمام الحسين (عليه السَّلام)، أن يتحوَّل داعية إلى الله، وإلى قِيَم الله، وإلى قِيَم القرآن، وإلى خطِّ رسول الله (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم)، وأن يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر، وأن يسير بسيرة جدّه وأبيه، هذا هو مسار الحَرَاك العاشورائي.
إذن، يمكن أن نكون قد توفَّرنا على المرتكزات الأربعة الأولى، لكن لم نتحوَّل إلى دُعاة عاشورائيِّين.
وأؤكِّد مرة ثانية وثالثة ورابعة أنَّه ليس معنى الحراك العاشورائي هو أن نتحوَّل إلى فوضى، وننطلق كما نشاء، هناك عقول توجِّه المسار العاشورائي، فالأُمَّة والنَّاس والجماهير خاضعة لعقول، ولمواقع قياديَّة ومرجعيَّة علمائيَّة توجِّه مسار الأُمَّة، وتوجِّه حَرَاك الأُمَّة.
وإذا غاب الحَرَاك العاشورائي تجمَّدت الفاعليَّة العاشورائيَّة.

ماذا نعني بالحَرَاك العاشورائي؟
نعني به:
1-توظيف القدرات الفِكريَّة العاشورائيَّة
إذا كان عندك فكر عاشورائي فاطرحه، بشرط أن يكون فكرًا واعيًا أصيلًا، لا أن تطرح كلَّ شيئ وتسمِّيه فكر عاشوراء، فتطرح أفكارًا متخبِّطة وتقول هذه عاشوراء!، إنَّ مفاهيم عاشوراء واضحة أصيلة نظيفة واعية بصيرة.
فمَنْ يملك مفاهيم عاشوراء بحقٍّ، عليه أن يطرح المفاهيم، وهذا يمكن أن يكون خطيبًا، أو أن يكون شاعرًا، أو أن يكون رادودًا، أو أن يكون مثقَّفًا، أو في أي موقع من المواقع، فأيُّ إنسان يملك الوعي العاشورائي فليوظِّف قدراته الفكريَّة، وقدراته الثَّقافيَّة العاشورائيَّة.

2-توظيف القُدُرات الوجدانيَّة العاشورائيَّة
يجب أن أوظِّف مشاعري في خدمة أهداف الإمام الحسين (عليه السَّلام)، وليس من أجل انفعالاتي الذَّاتيَّة، وليس من أجل مشاعري المنفلتة، وإنَّما من أجل أن أخلق نبضًا وجدانيًّا عاشورائيًّا، فكما أحمل النَّبض العاشورائي فلأصنع نبضًا عاشورائيًّا عند الآخرين.
قد يكون هناك شخص يعيش درجة عالية من الفوران الوجداني، لكنَّه لم يصنع هذا الوجدان عند النَّاس، ولم يخلق هذا الوجدان بشكل صحيح عند النَّاس، إذن هذا لم يعش الحَرَاك.

3-توظيف القدرات الأخلاقيَّة العاشورائيَّة
عاشوراء القِيَم والمُثُل، هذه القِيَم والمُثُل والقدرات الأخلاقيَّة العاشورائيَّة يجب أن نحولِّها إلى حَرَاك في حياة النَّاس، فإذا كنت أملك نبض القِيَم العاشورائيَّة لكن لم أحوِّلها إلى أسرتي وأولادي، ولم أحوِّلها إلى جيراني، وما حوَّلتها إلى أهل منطقتي، ولم أحوِّلها إلى النَّاس، ولم أوصلها إلى العالم، إذن بقت محجوزة في داخلي.
فمطلوب أن نوظِّف القدرات الأخلاقيَّة.

4-توظيف القدرات السُّلوكيَّة العاشورائيَّة

أدوات التَّوظيف العاشورائي
كيف نوظِّف هذه القدرات العاشورائيَّة الثَّقافيَّة، الوجدانيَّة، الأخلاقيَّة، السُّلوكيَّة؟
توجد وسائل كثيرة للتَّوظيف:
‌أ-الخطاب:
كأن أكون خطيب منبر أو عالم أو مثقَّف أو محاضر أو متكلِّم، فالخطاب وسيلة من وسائل توظيف القدرات العاشورائيَّة.
‌ب- الكتابة:
من يملك قدرة القلم مطلوب منه أن يوظِّف قلمه في تنشيط القدرات العاشورائيَّة، من خلال كتابة المقال، وكتابة البحث، والتَّأليف، والمسرحيَّة، فالكتابة وسيلة من وسائل إيصال صوت عاشوراء.
‌ج- الحوار:
الحوار مع الآخرين وسيلة من وسائل التَّوظيف العاشورائي.
‌د-الفن المشروع (الرَّسم / المسرح)
الفن يجب أن ندخله في إيصال خطاب عاشوراء، من خلال وسائل الفن المشروعة كالمسرح والمرسم، ولا نذهب لوسائل الفن غير المشروعة.
ه- أدوات التَّواصل الحديثة
اليوم أدوات التَّواصل تطوَّرت، فيجب أن نوظِّفها في إيصال خطاب عاشوراء.
أدوات التَّواصل اليوم تطوَّرت واقتحمت كلَّ واقعنا، والنَّاس – اليوم – يُصنَعون من خلال أدوات التَّواصل.
فكما يوظِّف – أعداء المُثُل، وأعداء الدِّين، وأعداء القِيَم، وأعداء عاشوراء – أدوات التَّواصل في خدمة أهدافهم المنحرفة، فكذلك دُعاة عاشوراء، ودُعاة الإسلام، ودُعاة القِيَم المفروض أن يوظِّفوا أدوات التَّواصل في أعلى مستويات التَّوظيف المدروس الحكيم البصير.
هذه أدوات يمكن أن تتوظَّف وتخدم أهداف عاشوراء.

عنوان المؤتمر هو: مؤتمر أشبال الإمام الحسين (عليه السَّلام).
إذن هنا السُّؤال بعد هذا الكلام:

العنوان الثَّاني: كيف نصنع أشبال عاشوراء؟

كيف نربط هذه الأجيال الجديدة بخطِّ عاشوراء؟
على ضوء هذا البيان السَّابق يتَّضح لنا كيف نصنع أشبال عاشوراء؟
أوَّلًا: أنْ نصنع أشبالًا يملكون وعي عاشوراء
أن نقدِّم مفاهيم عاشوراء بما يتناسب مع وعي الأجيال، ومع وعي الأشبال.
أن يتم طرح مفاهيم عاشوراء في عقول أشبالنا بما يتناسب مع وعي هذه الأشبال، وبما يتناسب مع قدرات هذه الأشبال الذِّهنيَّة والفِكريَّة.
فتارة أخاطب مثقَّفين كبارًا، وتارة أخاطب جمهورًا عامًّا، وتارة أخاطب امرأة، وتارة أخاطب أشبالًا، فلكلِّ فئة خطابها.
فنقدِّم مفاهيم عاشوراء بما يتناسب مع وعي الأجيال.
ولذلك هنا أقول: مطلوب:
‌أ-إقامة مجالس خاصَّة للأشبال
قد تكون المجالس العامَّة والخطاب العام لا يخدم كثيرًا – هو يخدم، ولكن أقول لا يخدم كثيرًا – وعيَ الأجيال ووعيَ الأشبال.
ولذلك أرى أنَّه من الضَّروري أن تتشكَّل مجالس خاصَّة للأشبال.
ب- أن تكون هناك كتابات عاشورائيَّة خاصَّة بالأشبال
كمجلات عاشورائيَّة خاصَّة بالأشبال.
ج- إقامة برامج عاشورائيَّة جذَّابة خاصَّة بالأشبال
بهذا نصنع أشبالًا يملكون وعي عاشوراء.

ثانيًا: أنْ نصنع أشبالًا يملكون وجدانًا عاشورائيًّا
من خلال:
‌أ-ارتداء الملابس السَّوداء.
هذا يخلق عواطف ومشاعر عاشورائيَّة، حينما يحسُّ الطِّفل والشِّبل أنَّه يرتدي لباسًا أسودًا حزنًا على الإمام الحسين (عليه السَّلام) وإحياءً لذكرى عاشوراء، هذا يخلق فورانًا وجدانيًّا عاشورائيًّا.
‌ب- اللَّافتات العاشورائيَّة تصنع الوجدان.
‌ج- الرَّدَّات والشِّيلات العاشورائيَّة.
‌د-ابتكار أساليب مشروعة.
لكن يجب أن يكون الوجدان مطعَّمًا بالوعي.

ثالثًا: أنْ نصنع أشبالًا يملكون قِيَم عاشوراء، وأخلاق عاشوراء، ومناقب عاشوراء
هذه مسألة أساس، أن تكون أشبال عاشوراء تملك قِيَم عاشوراء، وأخلاق عاشوراء، ومُثُل عاشوراء، وطُهر عاشوراء، ونُبُل عاشوراء، وصدق عاشوراء.
مَنْ يعيش النِّفاق والكذب والدَّجل هذا ليس من أشبال عاشوراء، فأشبال عاشوراء أنقياء صادقون، يحملون مُثلًا وقِيمًا.

رابعًا: أنْ نصنع أشبالًا يملكون سلوك عاشوراء
هذا مهمٌّ كما تقدَّم في السُّلوك العاشورائي.
-ليس العاشورائي من يرتدي فقط السَّواد.
هل عندما تلبس ثوبًا أسودًا يمكنك القول: أنا عاشورائي! صحيح أنَّ هذا مطلوب، وأنَّ هذا يعمِّق الإحساس والارتباط بمأساة عاشوراء.
لكنِّي حينما أرتدي السَّواد وأنا أنافق، وأنا أكذب، وأنا أمارس الدَّجل، وأنا أمارس الانحراف، وأنا أمارس الاعتداء على النَّاس، وأنا أمارس أكل الحرام!، فلا أكون إنسانًا عاشورائيًّا، السَّواد لا يجعلني عاشورائيًّا.
السَّواد مطلوب لأنَّه يعمِّق مشاعري، لكن إذا لم يوجد سلوك عاشورائي لا يكون للسَّواد قيمة.

-ليس العاشورائي من يحمل شعار يا حسين.
أضع عصابة من قماش على جبهتي: يا حسين، هذا مطلوب وجميل جدًّا أنَّ كلَّ أشبالنا وأبنائنا يضعون شعار يا حسين يا مظلوم، لكن هذا يكون من أجل أن نصل إلى الواقع السُّلوكي العاشورائي.

-ليس العاشورائي من يحضر المآتم فقط.
-ليس العاشورائي من يشارك في المواكب فقط.
-ليس العاشورائي من يحفظ الرَّدات، والشِّيلات، والشِّعارات العاشورائيَّة فقط.
أولادنا وشبابنا يحفظون ردَّات كثيرة، وشيلات عاشورائيَّة كثيرة، لكن هذا كلُّه لا يُفيد إذا لم يتحوَّلوا إلى سلوك عاشورائي.
العاشورائي مَنْ يجسِّد قِيَم وأخلاق وسلوك ومفاهيم عاشوراء.
في أيِّ موقع كان عالمًا، خطيبًا، رادودًا، فلَّاحًا، كنَّاسًا، بقَّالًا.
أنت عاشورائيٌّ حينما تجسِّد قِيَم وأخلاق وسلوك ومفاهيم عاشوراء.
فإذا صنعنا هذه القِيَم، صنعنا الإنسان العاشورائيَّ العملي.

خامسًا: أنْ نصنع أشبالًا يملكون حراكًا عاشورائيًّا
-أن يكونوا دعاة وحملة مفاهيم عاشوراء
أن نصنع أشبالًا يملكون رساليَّة عاشوراء، نعلِّم أولادنا أن يكونوا دعاة عاشورائيِّين بشكلٍ واعٍ وليس بشكل هوجائي، يدعون لمفاهيم عاشوراء الواضحة، وقِيَم عاشوراء، وأخلاق عاشوراء، وسلوك عاشوراء، وحَرَاك عاشوراء، ونشاط عاشوراء، وأمر بمعروف، ونهي عن منكر، ومحاربة فساد بطريقة مدروسة وليس بطريقة هوجائيَّة، فنكون بذلك قد صنعنا أشبالًا يملكون حَراكًا عاشورائيًّا.
-مواجهة ورفض لكلِّ المفاهيم والقِيم التي تتنافى مع عاشوراء
-توظيف كلِّ قدرات الأشبال
الأشبال عندهم قدرات فلنوظِّفها في خدمة عاشوراء، فإذا كانت لديهم قدرات فكريَّة فلنوظِّفها، وإذا كانت لديهم قدرات نفسيَّة أخلاقيَّة فلنوظِّفها، وإذا كانت لديهم قدرات سلوكيَّة فلنوظِّفها، وإذا كانت لديهم قدرات فنيَّة فلنوظِّفها: فن مسرح، فن رسم، فن كمبيوتر، فن وسائل تواصل، هذه قدرات فلنزرع هذه القدرات وننمِّيها عند أجيالنا.

المظاهر العاشورائيَّة
•السَّواد
•الأعلام العاشورائيَّة
•اللَّافتات العاشورائيَّة
•الشِّعارات الحسينيَّة العاشورائيَّة
أمور مطلوبة لأنَّها:
1-تُمركِز الحسَّ العاشورائي
2-تُمركِز الحزن العاشورائي
3-تُمركِز الانتماء العاشورائي
ولكن لا قيمة لكلِّ ذلك إذا لم ينصنع الإنسان العاشورائيِّ.

العنوان الثَّالث: مَنْ المسؤول عن إنتاج الأجيال العاشورائيَّة؟
1-العلماء
2-الخطباء
بالدَّرجة الأولى هذه مسؤوليَّة علماء وخطباء والخطباء بالدَّرجة الأساس، لأنَّ عاشوراء هي موسم ودور الخطباء، صحيح يمكن أن يكون للعلماء دور، لكنَّ الدَّور الأساس في عاشوراء لخطباء المنبر.
فهي مسؤوليَّة علماء، وهي مسؤوليَّة خطباء بالدَّرجة الأساس بأن يوصلوا مفاهيم عاشوراء إلى أجيالنا، وأن يطوِّروا لغتهم، ويطوِّروا أساليبهم، ويطوِّروا مفاهيمهم، فلعلَّ بعض أجيالنا تبتعد عن خطاب المنبر، لأنَّه لا يلبِّي نهمهم، فعندهم نهم فكري وثقافي، وعندهم مشاعر معيَّنة، هذا الخطاب غير قادر أن يُلبِّيَ هذا النَّهم وهذه المشاعر وهذه المفاهيم.
وهذا موضوع يحتاج إلى حديثٍ مستقل: كيف يُطوَّر الخطاب العاشورائي؟ وكيف يرتقي، وكيف يواكب مسيرة الأجيال؟ فأجيالنا اليوم تعلَّموا لغة جديدة، وتعلَّموا ثقافة جديدة، فكيف نوصل مفاهيم عاشوراء من خلال هذه اللُّغة، ومن خلال هذه الثَّقافة.
إذن، مسؤوليَّة بناء الأجيال هي مسؤوليَّة علماء، ومسؤوليَّة خطباء.

3-الشُّعراء
4-الرَّواديد
5-الشِّعارات
6-المواكب
7-البرامج

وهذا يعني يجب تطوير الأساليب مع الحفاظ على الضَّوابط الشَّرعيَّة
1-المراسيم العاشورائيَّة: يجب أن تخضع للضَّوابط الشَّرعيَّة.
2-الألحان: يجب أن تخضع للضَّوابط الشَّرعيَّة.
3-الأجواء العاشورائيَّة: يجب أن تخضع للمعايير الفقهيَّة.

العنوان الرَّابع: كلمة أخيرة
عاشوراء في عصر الكورونا
في هذا العصر الذي انتشر فيه هذا الوباء الخطير، كيف نحيي موسم عاشوراء؟
أنا لن أتحدث هنا عن التَّفصيل والتَّوجيه، وسيتحدث عن ذلك العلماء – إن شاء الله – في توجيه عام لإحياء موسم عاشوراء.

نحن بين ثابتين
الثَّابت الأوَّل: ضرورة إحياء عاشوراء
لا يصحُّ أن تمرَّ عاشوراء بلا إحياء.
الثَّابت الثَّاني: ضرورة التَّحصُّن ضدَّ الوباء
كلا الثَّابتين مطلوبان، وكلا الضَّرورتين مطلوبتان: أن نحيي عاشوراء، وأن نحصِّن أنفسنا والنَّاس ضدَّ الوباء.
غياب أحد الثَّابتين يجعلنا قد خالفنا المنظور الشَّرعي، وخالفنا إحدى الضَّرورتين، فإذا جمَّدنا الإحياء خالفنا ضرورة إحياء عاشوراء، وإذا جمَّدنا التَّحصُّن ضدَّ الوباء خالفنا هذه الضَّرورة الأساس.

وهنا تفرض الضَّرورة الشَّرعيَّة والعقليَّة أنْ يُكيَّف الإحياء بطريقة تحمي أرواح النَّاس.
أن يكون هناك إحياء، وأن يكون هناك حفاظ على ضوابط التَّحصُّن ضدَّ الوباء، وذلك بأن يُكيَّف الإحياء بطريقة تحمي أرواح النَّاس.
•فحماية الأرواح
‌أ-من أهداف الدِّين
هذا ليس عبثًا، بل هو تكليف إلهي شرعي قد يصل إلى درجة المحرَّم الشَّرعي إذا فرَّطنا بأرواح النَّاس.
فحماية الأرواح من أهداف الدِّين.
‌ب- ومن أهداف عاشوراء
‌ج- ومن أهداف العقل
فالدِّين يقول لنا: احموا أرواح النَّاس.
وعاشوراء تقول لنا: احموا أرواح النَّاس.
والعقل يقول لنا: احموا أرواح النَّاس.
فالعاشورائي مَنْ يتمثَّل أهداف الدِّين، وأهداف عاشوراء، وأهداف العقل، ويلتزم بتوجيهات أهل الاختصاص في هذا الشَّأن، الذين يحدِّدون المسار العملي لطريقة التَّحصُّن ضدَّ الوباء.
ويجب أنْ يتعاون كلُّ القائمين على الموسم العاشورائي مِنْ علماء، وخطباء، ومسؤولي مآتم، وجماهير عاشورائيَّة، وجهات رسميَّة لإبراز الموسم العاشورائي بصورة تُجسِّد أهداف هذا الموسم، وحضاريَّة هذا الموسم.
وكما قلت لكم سوف تصدر توجيهات علمائيَّة بشأن إحياء الموسم العاشورائي.

وآخر دعوانا أن الحمد الله ربِّ العالمين.
والسَّلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى